الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ مَرْجَانَةَ, قَالَ: ذُكِرَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَئِنْ آخَذَنَا اللَّهُ بِهَا لَنَهْلِكَنَّ, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا حِينَ نَزَلَتْ مَا وَجَدَ, فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَنَزَلَتْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ, يُحَدِّثُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ, تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَئِنْ آخَذَنَا اللَّهُ بِهَذَا لَنَهْلِكَنَّ, ثُمَّ بَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُهُ, فَقَالَ ابْنُ مَرْجَانَةَ: فَقُمْت حَتَّى أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ, فَذَكَرْت لَهُ مَا تَلاَ ابْنُ عُمَرَ وَمَا فَعَلَ حِينَ تَلاَهَا, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ, لَعَمْرِي لَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا حِينَ أُنْزِلَتْ مِثْلَ مَا وَجَدَ ابْنُ عُمَرَ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَسْوَسَةُ مِمَّا لاَ طَاقَةَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهَا, فَصَارَ الأَمْرُ إلَى أَنْ قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لِلنَّفْسِ مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ يُحَدِّثُ, فَأَوْقَعَ ذَلِكَ فِي الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونَ ابْنُ شِهَابٍ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنِ ابْنِ مَرْجَانَةَ سَمَاعًا, فَنَظَرْنَا إلَى ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِيهِ, إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى, فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ حَمَّادٍ التُّجِيبِيِّ أَبَا جَعْفَرٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ هَذَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ إنَّمَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَرْجَانَةَ بَلاَغًا, وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنْهُ سَمَاعًا, فَبَطَلَ بِذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ لِبُطْلاَنِ إسْنَادِهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا, هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا السَّبَبِ حَدِيثٌ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ, فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةُ الآيَةَ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا: لاَ نُطِيقُ لاَ نَسْتَطِيعُ, كُلِّفْنَا مِنْ الْعَمَلِ مَا لاَ نُطِيقُ وَلاَ نَسْتَطِيعُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالُوا: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: نَعَمْ: وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمَهُمْ بِهَذِهِ الآيَةِ أَنَّهُ يُؤَاخِذُهُمْ بِخَوَاطِرِ قُلُوبِهِمْ, الَّتِي لاَ يَسْتَطِيعُونَهَا وَلاَ يَمْلِكُونَهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ, فَبَيَّنَ لَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أَنْزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ, فَقَالَ: أَيْ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا مَا لاَ تَمْلِكُهُ, وَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا هُوَ مَا يُخْفُونَهُ مِمَّا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ لاَ يُخْفُوهُ وَمَا يُبْدُونَهُ مِمَّا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُخْفُوهُ, لاَ الْخَوَاطِرُ الَّتِي لاَ يَسْتَطِيعُونَ فِيهَا إبْدَاءً وَلاَ إخْفَاءً وَلاَ يَمْلِكُونَهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ مَرْجَانَةَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلٌ يُخَالِفُ هَذَا الْقَوْلَ, كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, فِي هَذِهِ الآيَةِ قَالَ: مِنْ الشَّهَادَةِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَا التَّأْوِيلُ عِنْدَنَا غَيْرَ صَحِيحٍ, وَكَانَ التَّأْوِيلُ الأَوَّلُ أَوْلاَهُمَا بِالآيَةِ; لأَنَّ كِتْمَانَ الشَّهَادَةِ مِمَّا لاَ يُغْفَرُ; لأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ. وَفِي الآيَةِ مَا قَدْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ, وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. إلَى آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ, وَمَا كَانَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وآله لِذَلِكَ جَوَابًا لَهُمْ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ قَدْ فَعَلْت،: الآيَةَ قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ, قَالَ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَلَمَّا قَالَ: غُفْرَانَكَ رَبَّنَا. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. فَلَمَّا قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لاَ أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ. قَالَ فَلَمَّا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لاَ أُحَمِّلُكُمْ. فَلَمَّا قَالَ: {وَاعْفُ عَنَّا}. قَالَ اللَّهُ: قَدْ عَفَوْت عَنْكُمْ. فَلَمَّا قَالَ: {وَاغْفِرْ لَنَا}. قَالَ: قَدْ غَفَرْت لَكُمْ. فَلَمَّا قَالَ: {وَارْحَمْنَا}. قَالَ: قَدْ رَحِمْتُكُمْ. فَلَمَّا قَالَ: قَالَ: قَدْ نَصَرْتُكُمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَالَ: النِّسْيَانُ لَيْسَ مِمَّا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ, فَكَيْفَ يَسْأَلُونِ أَنْ لاَ يُؤَاخَذُوا بِهِ؟. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ, أَنَّ النِّسْيَانَ الَّذِي لاَ يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ هُوَ النِّسْيَانُ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ أَضْدَادٌ لِلذِّكْرِ لَهَا, فَذَلِكَ مِمَّا لاَ يُؤَاخَذُونَ بِهِ, وَمِمَّا لاَ يَجُوزُ مِنْهُمْ سُؤَالُهُمْ رَبَّهُمْ أَنْ لاَ يُؤَاخِذَهُمْ بِهِ. وَأَمَّا النِّسْيَانُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الآيَةِ, فَإِنَّمَا هُوَ التَّرْكُ عَلَى الْعَمْدِ بِذَلِكَ, كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فِي مَعْنَى تَرَكُوا اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ. قَالَ: فَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً أَوْ أَخْطَأْنَا وَالْخَطَأُ فَهْمٌ غَيْرُ مَأْخُوذِينَ بِهِ. كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ, بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ, أَنَّ الْخَطَأَ الَّذِي فِي الآيَةِ الَّتِي تَلاَهَا عَلَيْنَا الَّذِي لاَ جُنَاحَ فِيهِ, هُوَ ضِدُّ مَا يَتَعَمَّدُونَهُ. كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْخَطَأُ الَّذِي فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا نَحْنُ عَلَيْهِ, هُوَ الْخَطَأُ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ يَفْعَلُهُ, عَلَى أَنَّهُ بِهِ مُخْطِئٌ فِي اخْتِيَارِهِ لَهُ, وَفِي قَصْدِهِ إلَيْهِ, وَفِي عَمَلِهِ بِهِ وَمِنْهُ قِيلَ, خَطِئْتُ فِي كَذَا، مَهْمُوزٌ، أَيْ عَمِلْت كَذَا خَطِيئَةً, فَذَلِكَ مِمَّا عَامِلُهُ مَأْخُوذٌ بِهِ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ, أَوْ مَعْفُوٌّ لَهُ عَنْهُ, إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْ مِثْلِهِ, فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ رضوان الله عليهم سَأَلُوا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْضِعِ سُؤَالٍ, وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ لَهُمْ فِي شَيْئَيْنِ قَدْ كَانَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْذَهُمْ بِهَا, وَعُقُوبَتَهُمْ عَلَيْهَا, وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى فَضْلِهِ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ, وَرَحْمَتِهِ لَهُمْ, وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَسَعِ وَهْبُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ (ح), وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالاَ: عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانٌ أَوْ تَعْمَلْهُ يَدٌ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَارُودِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدٌ أَوْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانٌ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ وَحَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ, قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, قَالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ, حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ قَالاَ ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي كُلَّ شَيْءٍ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ رضي الله عنه, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَفَا لِي عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ أَوْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَمِعْت ابْنَ أَبِي دَاوُد يَقُولُ: لاَ نَعْرِفُ لِلأَعْمَشِ عَنِ الأَعْرَجِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ, وَلاَ يَرْوِيهِ عَنْهُ غَيْرُ جَرِيرٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ الَّذِي حَدَّثَنَا هَؤُلاَءِ جَمِيعًا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ هُوَ: حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا بِالنَّصْبِ, فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِهَا بِهِ أَنْفُسَهَا, وَأَهْلُ اللُّغَةِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ, وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا بِالرَّفْعِ, وَأَنَّ أَنْفُسَهَا حَدِيثُهَا بِهِ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهَا إيَّاهُ, وَلاَ اجْتِلاَبِهَا لَهُ مِنْهَا, قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرُوا مَا قَدْ حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَثَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُعَيْرُ بْنُ الْخِمْسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: إنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالشَّيْءِ; لاََنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ. فَقَالَ: ذَاكَ مَحْضُ الإِيمَانِ أَوْ قَالَ: صَرِيحُ الإِيمَانِ, وَذَكَرُوا مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَحَدَنَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ, لاََنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ, فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلاَّ عَلَى الْوَسْوَسَةِ. قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بِهَذَا الإِسْنَادِ, وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمَرَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ وَسُلَيْمَانُ عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِالشَّيْءِ لاََنْ نَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلاَّ عَلَى الْوَسْوَسَةِ. وَقَالَ الآخَرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: إنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِشَيْءٍ وَلاََنْ أَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ. فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمَرَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ. قَالُوا: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ فِيهِ: وَإِنَّ أَحَدَنَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ, وَهُوَ مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ذَلِكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ أَوْ مَحْضُ الإِيمَانِ, أَوْ لِتَوَقِّيكُمْ أَنْ تَقُولُوا ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِكُمْ فَتُؤْخَذُونَ بِهِ, فَكَانَ تَوَقِّيكُمْ ذَلِكَ وَمَنْعُ أَنْفُسِكُمْ مِنْهُ إيمَانًا. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ, وَهُوَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْكُمْ إِلاَّ عَلَى الْوَسْوَسَةِ, أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ, الَّتِي لاَ تُؤَاخَذُونَ بِهَا بَلْ تُثَابُونَ عَلَى تَوَقِّيكُمْ أَنْ تُطْلِقُوهَا. قَالُوا: وَهَذَا الْحَدِيثُ, وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ فِيهِ إنَّ أَحَدَنَا تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ, أَوْ إنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا, فَإِنَّ جَوَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمْ فِي ذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ قَصَدَ بِهِ, وَهُوَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلاَّ عَلَى الْوَسْوَسَةِ. أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ فَعَادَ ذَلِكَ إلَى وَسْوَاسِهِ أَنْفُسَهُمْ بِمَا تُوَسْوِسُهُمْ بِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ هَذَا الْحَدِيثَ وَهَلْ يَحْتَمِلُ خِلاَفَ مَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِيهِ, مِمَّا يُوَافِقُ مَا كَانَ الَّذِينَ أَخَذْنَاهُ عَنْهُمْ حَدَّثُونَا بِهِ, مِمَّا يَعُودُ إلَى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا بِالنَّصْبِ أَمْ لاَ, فَوَجَدْنَا مِنْهُ ذِكْرَ التَّجَاوُزِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ فِي أُمَّتِهِ عَمَّا تَجَاوَزَ لَهَا عَنْهُ, فَكَانَ التَّجَاوُزُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَنْ مَا لَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْهُ, لَكَانُوا مُعَاقَبِينَ عَلَيْهِ, وَذَلِكَ مِمَّا قَدْ عَقَلْنَاهُ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مِنْ الْخَوَاطِرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا, وَأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الأَشْيَاءِ الْمُجْتَلَبَةِ بِالْهُمُومِ بِهَا, فَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, عَلَى مَا يَهُمُّ بِهِ مِنْ الْمَعَاصِي لِيَعْمَلَهَا, فَتَجَاوَزَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ ذَلِكَ, فَلَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِهِ وَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ عَلَيْهِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا, وَإِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَلاَ تَكْتُبُوهَا فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ هُوَ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَمِعْت يُونُسَ يَقُولُ: ثُمَّ قَرَأْت هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى سُفْيَانَ, بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنَا بِهِ, فَزَادَنِي فِي الْحَسَنَةِ: فَاكْتُبُوهَا إلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ, وَزَادَنِي فِي السَّيِّئَةِ: فَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ خَشْيَتِي. فَانْتَفَى بِذَلِكَ مَا ادَّعَاهُ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ, مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُمْ, وَعَادَ الْحَدِيثُ إلَى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا بِالنَّصْبِ, كَمَا نَقَلُوهُ إلَيْنَا, لاَ بِالرَّفْعِ, وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟. قَالَ قُلْنَا: الَّذِي لاَ تَصْرَعُهُ الرِّجَالُ. قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنْ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ. قَالُوا: فَمَنْ الشَّدِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الصُّرَعَةَ الْمُسْتَحِقَّ لِهَذَا الاِسْمِ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ فَيَصْرَعُهَا بِذَلِكَ عَمَّا تَدْعُوهُ إلَيْهِ مِنْ هَوَاهَا, وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إخْرَاجٌ مِنْهُ ذَا الْقُوَّةِ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَصْرَعَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صُرَعَةً, إذْ كَانَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَيَصْرَعُهَا عَمَّا تُرِيدُهُ مِنْهُ مِنْ هَوَاهَا فَوْقَ ذَلِكَ, فَاسْتَحَقَّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الصُّرَعَةَ وَإِنْ كَانَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ ذَكَرنَا صُرَعَةً أَيْضًا. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ الْمَرَّةُ وَالْمَرَّتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ. قَالُوا: مَنْ الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ وَلاَ يُعْرَفُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ. وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَافِ, إخْرَاجًا لَهُ مَنْ يَسْأَلُ عَلَى الْمَسْكَنَةِ أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمَسْكَنَةِ, فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا, أَنَّ الصُّرَعَةَ الَّذِي لاَ يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ لَيْسَ هُوَ الصُّرَعَةَ, إذْ كَانَ فِي الصُّرَعَتَيْنِ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ, وَهُوَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ غَضَبِهَا فَيَصْرَعُهَا عَنْ هَوَاهَا, إلَى مَا هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ, وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كَرِهَ قَوْمٌ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ بِكَذَا. وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالاَ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ كُرِهَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ, وَقَالَ: إنَّمَا يَتَصَدَّقُ مَنْ يَرْجُو الثَّوَابَ. فَكَانَ مِنْ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِمَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ سِوَاهُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَنْ نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عليه السلام فِي دُعَائِهِ إيَّاهُ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً. وَمَا كَانَ مِنْ إجَابَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ فِي ذَلِكَ, مِنْ قَوْلِهِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ أَيُّوبَ صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا جَازَ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ, جَائِزَةً دُعَاؤُهُ بِهَا, وَقَدْ تَكُونُ الْهِبَةُ مِنْ الآدَمِيِّينَ لِطَلَبِ الثَّوَابِ عَلَيْهَا, كَانَتْ الصَّدَقَةُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّتِي لاَ يَصْلُحُ لِلآدَمِيِّينَ الثَّوَابُ عَلَيْهَا مِنْهُ أَجْوَزَ, وَفِي ذَلِكَ مَا يَتَّسِعُ بِهِ لِلنَّاسِ أَنْ يَدْعُوَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ. وَأَمَّا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ, قَالَ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ, قَالَ: قُلْت لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي عَجِبْت مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ, فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْن جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ, قَالَ: سَأَلْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخْفِيفَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ صَدَقَةً مِنْهُ عَلَيْهِمْ, وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ, وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ, قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلاَنَ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنِ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الآُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ مِنْهُمْ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ خَلاَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الآُمَمِ نَاسٌ يُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَهُمْ الَّذِينَ يُلْهَمُونَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الآُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ هُمْ الَّذِينَ يُلْهَمُونَ. وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَاخْتَلَفَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ عَلَى سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ فِيمَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ إلَيْهِ بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَائِشَةَ وَمِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اخْتِلاَفِهِمَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى, فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مُحَدَّثُونَ أَيْ: مُلْهَمُونَ, وَكَذَلِكَ يُحَدَّثُونَ أَيْ: يُلْهَمُونَ حَتَّى تَنْطِقَ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْحِكْمَةِ كَمَا كَانَ لِسَانُ عُمَرَ رضي الله عنه يَنْطِقُ بِمَا كَانَ يَنْطِقُ بِهِ مِنْهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ إيلاَءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ لَمَّا قَالَ: لَهُنَّ لَتَنْتَهُنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَافَقْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلاَثٍ, أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلاَثٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ, عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَافَقَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلاَثٍ أَوْ وَافَقْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلاَثٍ قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُقْرِؤُهَا وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ وَلاَ مُحَدَّثٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ الْمُحَدَّثُ فِي هَذَا مِنْ الْجِنْسِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِهَؤُلاَءِ الْمُلْهَمِينَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَهُمْ كَمَا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ الآيَةَ عَلَيْهِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِهِ هَذَا؟. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الرِّسَالَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ الآيَةِ إنَّمَا أُرِيدَ بِهَا الأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ صلوات الله عليهم لاَ الْمُلْهَمُونَ الْمَذْكُورُونَ مَعَهُمْ فَقَالَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَهُمْ مَذْكُورُونَ مَعَهُمْ بِمَا فِي أَوَّلِ الآيَةِ وَهُوَ الرِّسَالَةُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِيهِ أَنَّهُمْ جَمَعُوا مَعَهُمْ بِكِنَايَةٍ فِي الآيَةِ كَأَنَّهُ أُرِيدَ يَا لَيْتَ زَوْجَك قَدْ غَدَا ** مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا وَالسَّيْفُ فَمِمَّا يُتَقَلَّدُ بِهِ وَالرُّمْحُ لَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُحْمَلُ وَاسْتُعْمِلَتْ الْكِنَايَةُ فِي ذَلِكَ فَصَارَ كَهُوَ لَوْ قَالَ: مُتَقَلِّدٌ سَيْفًا وَحَامِلٌ رُمْحًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَقِيقَةِ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَهُوَ التَّيْمِيُّ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (ح) وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ, قَالَ: حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ، يَعْنِي التَّيْمِيَّ، عَنْ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أَحَبُّ إلَيْهِ قَالَ: فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالَ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ, قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْد قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّكُمْ مَالُهُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ, قَالَ: اعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ قَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلاَّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلاَّ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إلَيْهِ فَقَالُوا فَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إنَّمَا مَالُ أَحَدِكُمْ مَا قَدَّمَ وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَا أَخَّرَهُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ فَلَمْ يُقَدِّمْهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يَكُونُ ثَوَابًا لَهُ عِنْدَهُ وَزُلْفَى لَهُ لَدَيْهِ لَيْسَ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مَالُهُ, كَمَا لَيْسَ مَالُ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ مَالاً لَهُ, وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَيْسَ مِنْ مَالِهِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى أَمْوَالِهِ فِي مَنَافِعِهَا لَهُ, إذْ كَانَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَالِهِ يَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ, وَمَا لَمْ يُقَدِّمْهُ مِنْهُ لاَ يَنْفَعُهُ فِيهَا فَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُ لَيْسَ هُوَ مِنْ مَالِهِ, وَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُضَافَ إلَى مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي الْخَيْرِ إلَى خَيْرِ أَمْوَالِهِ لَهُ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابًا عِنْدَ رَبِّهِ وَزُلْفَى لَدَيْهِ, وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ يُقَدِّمُهُ, فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُرْبَةً إلَيْهِ وَزُلْفَى لَدَيْهِ فَيَكُونُ هُوَ مَالَهُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ أَمْوَالِهِ فِي مَنَافِعِهِ فِي مَعَادِهِ. وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن الشِّخِّيرِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ} قَالَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي وَمَا لَك مِنْ مَالِك إِلاَّ مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ أَوْ أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْت. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا عَادَ مِنْ مَالِهِ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ مَالاً لَهُ إذْ لاَ مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ كَمَا لاَ مَنْفَعَةَ لَهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْن الْمُسَيِّبِ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: يَقُولُونَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا قَدْ أَكْثَرَ وَاَللَّهُ الْمَوْعِدُ وَيَقُولُونَ مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يَتَحَدَّثُونَ بِمِثْلِ أَحَادِيثِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ إنَّ إخْوَانِي مِنْ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرْضِهِمْ وَأَمَّا إخْوَانِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَكَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقُهُمْ بِالأَسْوَاقِ وَكُنْت أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي فَأَشْهَدُ إذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إذَا نَسُوا وَلَقَدْ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَيُّكُمْ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَأَخَذَ مِنْ حَدِيثِي هَذَا ثُمَّ يَجْمَعُهُ إلَى صَدْرِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ فَبَسَطْتُ بُرْدَةً عَلَيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ ثُمَّ جَمَعْتُهُمَا إلَى صَدْرِي فَمَا نَسِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئًا حَدَّثَنِي بِهِ وَلَوْلاَ آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْت بِشَيْءٍ أَبَدًا إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى إلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلاَمِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَا نَسِيت بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئًا حَدَّثَنِي بِهِ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ وَجَدْنَاهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ ثُمَّ نَسِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ عَدْوَى وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِمَا كِلَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ لاَ عَدْوَى وَأَقَامَ عَلَى لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ قَالَ فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ كُنْت أَسْمَعُك يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ عَدْوَى فَأَبَى أَبُو هُرَيْرَةَ ذَلِكَ, وَقَالَ لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ فَمَا رَآهُ الْحَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ, فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَقَالَ لِلْحَارِثِ أَتَدْرِي مَاذَا قُلْت؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ إنِّي قُلْت: أَبَيْتُ قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ عَدْوَى فَلاَ نَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الآخَرَ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْبَهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ عَدْوَى. فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت الإِبِلَ تَكُونُ فِي الرِّمَالِ أَمْثَالَ الظِّبَاءِ فَيَأْتِيهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ كُلُّهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟, قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ وَسَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ. فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيُّ فَإِنَّك قَدْ كُنْت حَدَّثْتنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ عَدْوَى فَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ الْحَارِثُ بَلَى فَتَمَارَى هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ حَتَّى اشْتَدَّ أَمْرُهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ نِسْيَانُ أَبِي هُرَيْرَةَ إيَّاهُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِهِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ, وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا حَتَّى يَخْرُجَا أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا تَضَادٌّ أَوْ اخْتِلاَفٌ وَلاَ خُلْفَ لِوَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تَضَادَّ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نِسْيَانُهُ لِشَيْءٍ آخَرَ يَقْرَبُ سَمَاعُهُ إيَّاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ عَنْ مُجَاهِدٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَحْرُسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: وَسَقَطَ فِيمَا أَظُنُّ عَنْ صَالِحٍ فَجِئْت ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِيَ الَّذِي سَيَأْتِي بِهِ مَوْصُولاً بِهَذَا الْحَرْفِ الَّذِي سَقَطَ عَنْ صَالِحٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ مُضْطَجِعًا فَلَمْ أَجِدْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَضْجَعِهِ فَعَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَقَامَتْهُ الصَّلاَةُ فَتَلَفَّتُّ وَرَمَيْتُ بِبَصَرِي يَمِينًا وَشِمَالاً فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ إلَى الشَّجَرَةِ يُصَلِّي فَهَوَيْتُ نَحْوَهُ, فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أَخْرَجَهُ مِثْلُ الَّذِي أَخْرَجَنِي فَقُمْت أَنَا وَهُوَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُصَلِّي بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ أَنْ نُصَلِّيَ حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَةً ظَنَنْت أَنَّهُ قَدْ قُبِضَ فِيهَا فَابْتَدَرْنَاهُ فَجَلَسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَنَا وَصَاحِبِي فَسَاءَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَاءَلْنَاهُ ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْكَرْتُمْ مِنْ صَلاَتِي اللَّيْلَةَ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَجَدْتَ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِك سَجْدَةً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّك قَدْ قُبِضْت فِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي أُعْطِيت فِيهَا خَمْسًا لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي إنِّي بُعِثْت إلَى النَّاسِ كَافَّةً أَحْمَرِهِمْ وَأَسْوَدِهِمْ وَكَانَ النَّبِيُّ قَبْلِي يُبْعَثُ إلَى أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ إلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ وَنُصِرْت عَلَى عَدُوِّي بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ أَمَامِي وَشَهْرٍ خَلْفِي وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَالأَخْمَاسُ. وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلِي إنَّمَا تُؤْخَذُ فَتُوضَعُ فَتَنْزِلُ عَلَيْهَا نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ بَيْضَاءُ فَتَحْرِقُهَا وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا أُصَلِّي فِيهَا حَيْثُ أَدْرَكَتْنِي الصَّلاَةُ وَأُعْطِيت حِينَئِذٍ دَعْوَةً فَذَخَرْتُهَا شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ مُجَاهِدٌ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ: لِي صَاحِبِي, وَكَانَ أَفْضَلَ مِنِّي نَسِيتَ أَفْضَلَهَا أَوْ أَخْيَرَهَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَنَالَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا, وَذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ صَاحِبَهُ ذَلِكَ كَانَ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رضي الله عنه فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ أَبِي ذَرٍّ أَبَا هُرَيْرَةَ نِسْيَانَهُ مَا قَدْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُرْبِ سَمَاعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَانَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا فِي حَدِيثِ ابْن الْمُسَيِّبِ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرْنَا. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا نَحْنُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هَلْ رَوَاهُ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَخَالَفَهُ فِيهِ أَوْ وَافَقَهُ فَخَالَفَ الأَعْرَجُ فِيهِ أَوْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ؟. فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: يَقُولُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ وَاَللَّهُ الْمَوْعِدُ يَقُولُونَ مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ لاَ يُحَدِّثُونَ مِثْل حَدِيثِهِ وَمَا بَالُ الأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ بِمِثْلِ أَحَادِيثِهِ وَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ إنَّ إخْوَانِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ وَإِنَّ إخْوَانِي مِنْ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ وَكُنْت مِسْكِينًا أَلْزَمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شِبَعِ مِلْءِ بَطْنِي وَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ وَلَقَدْ قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا إنْ بَسَطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ ثُمَّ يَجْمَعُ ثَوْبَهُ إلَى صَدْرِهِ فَلاَ يَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَسَطْت نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ ثُمَّ جَمَعْتُهُ إلَى صَدْرِي فَوَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ مَا نَسِيت مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ كَلِمَةً إلَى يَوْمِي هَذَا, وَوَاللَّهِ لَوْلاَ آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ أَبَدًا: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى تَثْبِيتِ مَا رَوَى الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ مَا قَضَوْا لَهُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا خَالَفَهُ فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُمَا. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَلْمَانَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظَ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنِّي كُنْت أَعِي بِقَلْبِي وَكَانَ يَعِي بِقَلْبِهِ وَيَكْتُبُ بِيَدِهِ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَكْثَرُ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي إِلاَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَكُنْتُ لاَ أَكْتُبُ. قَالُوا فَكَانَ مَعْقُولاً أَنَّ مَا خُصَّ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هُوَ حِفْظُهُ لَهُ لاَ مَا سِوَاهُ وَأَنَّ الَّذِي خُصَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ حِفْظُهُ لَهُ وَكِتَابَتُهُ إيَّاهُ فَكَانَتْ مُعَانَاةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ الْحِفْظَ بِقَلْبِهِ وَالْكِتَابَ بِيَدِهِ وَكَانَتْ مُعَانَاةُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ هُوَ الأَخْذَ بِقَلْبِهِ دُونَ الْكِتَابِ بِيَدِهِ فَكَانَ مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَانِيهِ فِي أَخْذِهِ أَشَقَّ مِمَّا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُعَانِيهِ فِي أَخْذِهِ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ كَانَ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْفَظَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, قَالُوا وَلَمَّا كَانَ الأَمْرُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَكْثَرَهُمَا حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَبَ الْقَضَاءُ لِلأَعْرَجِ عَلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَكَانَ الَّذِي مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِمَّا انْتَفَى عَنْهُ فِيهِ النِّسْيَانُ هُوَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ الْوَاحِدِ لاَ فِيمَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهُ وَلاَ فِيمَا كَانَ مِنْهُ بَعْدَهُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: كَرِهَ قَوْمٌ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ اللَّهُمَّ أَعْتِقْنِي مِنْ النَّارِ وَقَالُوا إنَّمَا يُضَافُ الْعَتَاقُ إلَى مَنْ يُرْجَى لَهُ الثَّوَابُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ. كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْنِي مِنْ النَّارِ وَقَالَ إنَّمَا يُعْتِقُ مَنْ يَرْجُو الثَّوَابَ قَالُوا وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُتَعَالٍ عَنْ ذَلِكَ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَلَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ الْقَوْلِ بَأْسًا, وَكَانَ مِنْ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ فَفِي ذَلِكَ إضَافَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَتَاقَ مِنْ النَّارِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مَا يَنْطَلِقُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَدْعُوهُ بِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيُّ صَاحِبُ السِّلْعَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَالَ: عَلِيٌّ رضي الله عنه فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي مُبَارِزِي يَوْمَ بَدْرٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: سَمِعْت يَزِيدَ بْن هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: تَبَارَزَ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ رضي الله عنهم وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمًا لَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنهم وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ بِاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ الآيَةَ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ الثَّلاَثَةِ, وَالثَّلاَثَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ ابْنَا رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. وَحَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَنْبَأَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا ذَرٍّ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذِهِ الآثَارِ فَوَجَدْنَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَجَدْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَذْكُورِينَ فِيهِمَا قَدْ سُمُّوا فِي هَذِهِ الآثَارِ وَهُمْ شَيْبَةُ وَعُتْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَوَجَدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا الْمَذْكُورِينَ فِيهِمَا قَدْ سُمُّوا لَنَا فِي هَذِهِ الآثَارِ وَهُمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عليهم السلام وَكَانَ الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَذْكُورِينَ فِيهِمَا كَائِنًا مِنْهُ فِيهِمْ. وَوَجَدْنَا مَا وَعَدَهُ الَّذِينَ آمَنُوا الْمَذْكُورِينَ فِيهِمَا كَائِنًا لاَ مَحَالَةَ; لأَنَّهُ وَعْدٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَذَلِكَ مِمَّا لاَ يُخَالِفُهُ نَسْخٌ لأَنَّ النَّسْخَ إنَّمَا يَلْحَقُ الشَّرَائِعَ فَيَنْسَخُ مِنْهَا مَا كَانَ حَرَامًا إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ حَلاَلاً, وَمَا كَانَ مِنْهَا حَلاَلاً إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ حَرَامًا فَأَمَّا مَا أَخْبَرَ مِنْهَا أَنَّهُ فَاعِلُهُ ثَوَابًا عَلَى عَمَلٍ قَدْ كَانَ مِمَّنْ عَمِلَهُ فَهَذَا مِمَّا لاَ يَلْحَقُهُ نَسْخٌ, فَهَذِهِ أَحْوَالُ هَذَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ فِي الآخِرَةِ. ثُمَّ وَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَتْبَعَ وَعْدَهُ الَّذِينَ آمَنُوا الْمَذْكُورِينَ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ بِقَوْلِهِ وَوَجَدْنَا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَهُدُوا بِمَعْنَى ثَبَتُوا كَمِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ: رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّك. ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوك. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْت يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: قُلْت ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّك. قَالَ: قُلْت ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّك. ثَلاَثَ مِرَارٍ, ثُمَّ أَبَاك الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْجِيزِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُرْفُطَةَ عَنْ خِدَاشٍ أَبِي سَلاَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ أُوصِي امْرَأً بِأَبِيهِ أُوصِي امْرَأً بِمَوْلاَهُ الَّذِي يَلِيهِ, وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ عَلَيْهِ أَذَاةٌ تُؤْذِيهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ فِي هَذِهِ الآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ لِلآُمِّ مِنْ الْبِرِّ عَلَى وَلَدِهَا مِثْلَ ثَلاَثَةِ أَمْثَالِ مَا لِلْوَالِدِ عَلَيْهِ مِنْ الْبِرِّ. فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يُخَالِفُ هَذَا فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ أَوْلَى النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ مِنِّي؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّك قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوك قَالَ سُفْيَانُ فَيَرَوْنَ أَنَّ لِلآُمِّ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْبِرِّ. سَمِعْت السَّقَطِيَّ يَقُولُ ثنا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: وَكَذَلِكَ ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: لِلآُمِّ الثُّلُثَانِ مِنْ الْبِرِّ وَلِلأَبِ الثُّلُثُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ: رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوك قَالَ: فَيَرَوْنَ أَنَّ لِلآُمِّ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْبِرِّ وَأَنَّ لِلأَبِ الثُّلُثَ فَقِيلَ لِسُفْيَانَ لِلآُمِّ الثُّلُثَانِ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ يُحَدِّثُهُ عَنْ عُمَارَةَ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ فَسَأَلْت عُمَارَةَ, فَجَاءَ بِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ذَهَبَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَفِظَهُ شُجَاعٌ; لأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ إنَّمَا كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ, وَشُجَاعٌ كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابِهِ, وَإِنْ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَدْ زَادَ عَلَى شُجَاعٍ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عُمَارَةَ بْنَ الْقَعْقَاعِ بَيْنَ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ وَكَانَ الأَوْلَى بِنَا لَمَّا اُخْتُلِفَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ هَذَا الاِخْتِلاَفَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بِرِّ الآُمِّ أَنْ يُجْعَلَ الأَوْلَى بِهِ مِنْهُ مَا قَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ جَدُّ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ وَخِدَاشٌ أَبُو سَلاَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاَ مَا خَالَفَاهُ فِيهِ عَنْهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِلآُمِّ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ الْبِرِّ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ ثَلاَثَةُ أَمْثَالِ مَا لِلْوَالِدِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ أَبِي زُرْعَةَ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَهَلْ وَافَقَ شُجَاعًا عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ مِمَّا خَالَفَ فِيهِ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَحَدٌ فَوَجَدْنَا أَبَا أَيُّوبَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الطَّبَرَانِيُّ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ خَلَفٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ نَصْرٍ الْمَطْبَخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّك. قَالَ: قُلْت ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ أُمُّك. قَالَ: قُلْت ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أُمُّك. قَالَ: قُلْت ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَبُوك. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَهَذَا حِبَّانُ قَدْ وَافَقَ شُجَاعًا فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ وَحِبَّانُ صَالِحُ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّوْرِيُّ قَالَ: قُلْت لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حِبَّانُ أَوْثَقَهُمَا, يَعْنِيهِ وَمِنْدِلاً قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا ثُمَّ وَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ الْكُوفِيَّ الْبَجَلِيَّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ فَوَافَقَ شُجَاعًا عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَخَالَفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ. كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: بِرَّ أُمَّك, ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: بِرَّ أُمَّك, ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: بِرَّ أُمَّك, ثُمَّ عَادَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: بِرَّ أَبَاك ثُمَّ نَظَرْنَا فِي أَحْوَالِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْبَجَلِيِّ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَيْفَ هِيَ؟. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّوْرِيُّ قَالَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ يُحَدِّثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْبَجَلِيِّ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَلَيْسَ بِيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ هَذَا بَأْسٌ فَعَادَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا اخْتِلاَفَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَشُجَاعٍ فِيهِ إلَى أَنَّ الأَوْلَى بِهِ مَا رَوَاهُ شُجَاعٌ عَلَيْهِ بِمُتَابَعَةِ مَنْ تَابَعَهُ عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|